الحكومة الحالية....ومشاريع التنمية

بعد أن سلّم مجلس الأمة ومعه الحكومة بفشل خطة التنمية، أسئلة كثيرة يطرحها القطاع الخاص عن مصير مشاريع بمليارات الدنانير، كان من المفترض أن تنفذها شركات مساهمة عامة، قبل أن يلقي فشل المزايدتين الأوليين بظلال من الشك حول جدواهما.

وجاء الاعلان عن الغاء مزايدة شركة مستشفيات الضمان الصحي التي فازت بها «أجيليتي» أخيراً، بمثابة القشة التي قصمت ظهر مزايدات خطة التنمية، من حيث الفكرة والجدوى. فهل ستعيد الحكومة النظر في أساس الفكرة؟ أم ستجد سبّلاً لانقاذها من خلال اعادة النظر بدراسات الجدوى التي لم تقنع القطاع الخاص؟ وما العبرة في التمسك بها طالما أن الحكومة ومجلس الأمة اتفقا على فشل خطة التنمية التي تشكل الشركات المساهمة جوهرها؟

يرى المتابعون أن الممارسة الحقيقية للدولة في التعامل مع القطاع الخاص تعاكس جميع المعطيات التي تعزز مفهوم الشراكة الحقيقية المستهدفة من خطة التنمية، الى الحدود التي يمكن ان تقلل معها تفاؤل المستثمر الاستراتيجي ومن خلفه الجهات الممولة، بجدية المشاريع التنموية التي تطرحها الدولة.

ويمكن القول ان الغاء مشروع مستشفيات الضمان الصحي، باكورة مزايدات الشركات المساهمة المدرجة في اطار الخطة، بعد ان أوصت اللجنة التأسيسية بقبول عرض «اجيليتي»، يزيد من اتساع الشك لدى المستثمر الاستراتيجي، وكذلك البنوك التي يمكن ان تمنح الكفالات البنكية من جدوى هذه المشاريع، وهنا ستزداد التحديدات اكثر امام القطاع الخاص في الطلب على مثل هذه المشاريع، خصوصا وان المشكلة الرئيسية التي يمكن ان تواجه القطاع الخاص مستقبلا تراجع معدلات الائتمان لهذه المشاريع في حال ان قررت البنوك تجنب الاستثمار بهذه المشاريع.

وهناك من الاعتبارات ما يدعو لمزيد من التشاؤم في نجاح خطة التنمية بعد ان باتت في مجتمع الاعمال مجرد خطة مصحوبة بشعور كاذب بالامان، وليس ادل على ذلك من مزايدة الضمان الصحي التي تُصنف على اختبار يمكن من خلاله قياس ثقة القطاع الخاص بمشاريع التنمية، وتعامل الحكومة من الشركات الراغبة في التنمية، وهذه المخاطر تنسحب ايضا على مزايدة خصخصة سوق الكويت للاوراق المالية المرتقب اجراؤها في مايو المقبل.

وتشير جميع المعطيات الحالية لمشاريع التنمية الى صعوبة انجازها ما دامت ستدار بنفس العقلية التطفيشية، فغالبية المشاريع التي أتت بها الخطة اما انها مجمعة من مشاريع موجودة قبل اقرار الخطة الرباعية واما مشاريع تنقصها دراسات تعاني من ضعف الجدوى والهشاشة الاستثمارية، الى الحدود التي لم تقنع القطاع الخاص.

ولو كانت خطة الحكومة للتنمية ناجحة من حيث جدوى مكوناتها لكانت اقدر على استقطاب اكبر عدد ممكن من المؤسسات الاقتصادية والمحلية، فليس هناك مؤسسة اقتصادية لا ترغب في عدم الربح، بيد ان من الواضح ان نموذج خطة الحكومة في هذا الخصوص وطريقة تعاطي مؤسسات الدولة معها يُنفر المستثمرين، بخلاف الآمال العريضة المعقودة عليها.

وتشير بيانات وزارة المالية الى أن حجم الانفاق على المشروعات الواردة في الخطة السنوية الاولى للعام (2010 - 2011) بلغ 3.19 مليار دينار ما نسبته 61.5 في المئة بما يعادل 5.2 مليار دينار، من اجمالي الميزانية المرصودة لتلك المشاريع خلال السنة، ما يعني أن حصيلة الانفاق التنموي في السنة الأولى تعادل 10 في المئة من اجمالي خطة التنمية، في مقابل 52.8 في المئة للانفاق الجاري (المرتبات والمستلزمات السلعية)، و36.6 في المئة للمدفوعات التحويلية (مؤسسة التأمينات وسواها). وجميعها مؤشرات تؤكد ان الانفاق الرأسمالي الجاري لا يمكن ان يساهم في تحفيز الاقتصاد.