مثلث برمودا القاتل ( المحسوبية - الرشوة - الفساد الاداري)

لمحسوبية واحدة من الصور القاتمة للفساد الاداري اذ يسند العمل الوظيفي لشخص لايستحقه ولا يتناسب مع امكاناته وخبراته وممارساته بسبب تزكية في غير محلها او واسطة لتبادل مصالح مشتركة او لقرابة .. وتكون النتيجة ضعف في الانتاجية و تقهقر في العمل و اخطاء متكررة وعلاقات مكهربة بين الموظفين ، ونلاحظ المحسوبية في بعض الادارات الحكومية وقد تسند المسؤولية لاشخاص حملوا على محمل المحسوبية ليبداؤا ممارسة العمل الاداري دون وعي اداري وتربوي هاجسهم الاول فقط متابعة دفتر الدوام اليومي اما العمل التخطيطي والابداعي فلا يجد مكانا على طاولة عملهم
تحقيق /عواطف يوسف



والمدير أي مدير هو صمام الامان الاول في العمل يستطيع ان يحيل ادارته الى ورشة ابداع متى امتلك الحماس والمثابرة والكفاية الادارية والدعم المعنوي اما الجانب الآخر من المدراء فيستطيع وبجدارة ان يحول ادارته الى مستودع للكسل والتثاؤب وضعف الانتاجية . وبالفعل فقد كثر استخدام المجاملات والمحسوبيات بين الناس هذه الايام واصبح من الصعب التفريق بينها وبين النفاق ! والمجاملة وسيلة يستخدمها كثيرون لجذب الناس وقد تكون سبيلا لأرضاء الآخرين من خلال نسج كلمات عذبة وجمل وتعابير رنّانة بهدف البعد عن المصارحة والكلمات المباشرة التي يتأذى منها الطرف المقابل . معظم المرافق والمؤسسات الحكومية تتعامل من خلال الرشوة والمحسوبية والوساطات في حياتنا اليومية بطرق مخالفة للانظمة والقوانين وغض الطرف عن عتاولة الفساد وناهبي المال العام واستغلال الدرجات الوظيفية من خلال مساعدة الفساد ودفع الرشوة واستغلال الفساد لمخالفة القوانين .
ويعتبر الفساد ظاهرة قديمة لكن الجديد فيها ان حجم الظاهرة اخذ في التفاقم الى درجة اصبحت تهدد مجتمعنا ومجتمعات كثيرة بالأنحلال الاجتماعي والركود الاقتصادي . هذا مايقوله الدكتور محيي البديري استاذ اقتصادي في جامعة بغداد مضيفا
ان الفساد الاداري ارتبط وجوده بوجود النظم السياسية والدول .. فهو لايختص بشعب او دولة فهو قضية عالمية لكن وجوده باشكال واحجام ودرجة انتشار في الدول النامية لأسباب منها ضعف أجهزة الادارة العامة وضعف الاخلاقيات الوظيفية وغياب الرقابة الفعالة لهذه الدول . كما ان الفساد الاداري هو الحصول على الثروة والمال بأي وسيلة كانت شرعية او غير شرعية.. ووجود شخص ما .. وضع مصالحه الخاصة بصورة محرمة وغير مشروعة فوق المصلحة العامة التي تعهد بخدمتها بسبب مكاسب شخصية او قرابة عائلية خاصة او لمكانة خاصة عن طريق ممارسة بعض انواع السلوك الذي يراعي المصلحة العامة لذا وجب ضرورة تطوير الانظمة الرقابية والمحاسبية فضلا عن تطوير المهام والمسؤوليات للمحاسبين والمدققين الداخليين والخارجيين ثم تعزيز النزاهة والمساءلة والادارة السليمة للشؤون والممتلكات العمومية . ويؤكد احد العاملين في هيئة النزاهة رفض الكشف عن اسمه ان مكافحة الفساد يجب ان يكون عملا مستمرا لانه من الجرائم الاقتصادية ذات الطبيعة المستمرة والمتغيرة والمتجددة حيث يتزايد نتيجة للظروف التي تدعو اليه كالحروب ' والازمات الاقتصادية .
ويضيف قائلا : ان الفساد نوعان : الفساد الداخلي هو الذي يرتكبه طرف واحد دون تدخل ثاني مثل قيام الموظف العام والخاص بسرقة او اختلاس او تدليس داخل المؤسسة التي يعمل فيها . والفساد الخارجي وهو الاكثر شيوعا وانتشاراً والذي يتم من خلال اشتراك اكثر من جهة وذلك بالتفاعل بين جانبي عرض وطلب .
اما الاستاذ يوسف العيساوي استاذ في كلية الاداب قسم علم النفس فيقول:
ان ظاهرة الرشوة والمحسوبية مدمرة لقيم المجتمع الداخلية وتخلق جيلا جديداً من الشباب الذي يفقد الانتماء للوطن ويخلق عقداً جديدةً لدى المجتمع من الاحباط والقلق الذي يجدونه امام مكاتب بعض الدوائر التي تعرقل المعاملات وتضّيع من وقت المواطنين الذين يهدروه في المرواح والمجيء .
وعند توجهنا الى بعض المواطنين الذي انهكهم طول الانتظار اجاب السيد علي محمد كاظم احد مراجعي دوائر الطابو والعقارات قائلا : لاننكران المحسوبية منتشرة في كل مكان ولو بدرجات ووفق ميكانيكية وطرق مختلفة والسؤال كيف يتحرك الفساد داخل المجتمع ؟ ومن يحركه ؟ وهل هناك جهة مسؤولة؟.. وفي هذه الحالة وبصراحة نحن نهلل ونعتمد عليها اكثر من اعتمادنا على ربنا وقد اجيبك بان السبب عدم احترام القانون وضعف تطبيقه بيننا وهذا ايضا بسبب المحسوبية .
اما السيد عادل كاظم محامي فيقول : الحقيقة ان الرشوة اثبتت فاعليتها في اغلب المجالات وصارت روتينا عاديا ؛ ولان الرشوة تنطلق من تعامل غير مشروع غالبا ومن هنا يصح القول تحايل ويصح لها مقولة ( اشرب ودع غيرك يشرب مما تشرب) والوساطة لمن يمتلكها ..
اما الرشوة فهي لفاقد الوساطة وعادة ما تكون الوساطة بفعل شخصية لها وزن واعتبارية او مسؤول مدني كان او عسكري . وبعد الاطلاع على قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدّل نجد ان الفقرة 307 والفقرة 308 نصت على ان كل موظف او مكلف بخدمة عامة طلب او قبل لنفسه او لغيره عن عمل لايدخل في اعمال وظيفته لكنه زعم ذلك او اعتمده خطْأ يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات او الحبس والغرامة كما نصت المادة 310 كل من اعطى او قدم او عرض او وعد بان يعطي لموظف اذ يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة قانونا للمرتشي